مما يغيظ عدوَّك منك، ليس فقط ما يصدر عنك مما يشينه ويوبِّخه؛ بل ما يحلُّ بك من سَعة في الرزق والنِّعَم، ويُدفَع عنك من سوءٍ ونِقَم؛ فهو ممَّا يُرغِم أنفَ عدوِّك ويغيظه!
قال عنها ابنُ القيِّم رحمه الله: “ولا يَنتبهُ لها إلَّا أولو البصائر التامَّة، وهذا بابٌ من العُبودية، لا يعرفُه إلا القليل من الناس، ومَن ذاق طعمَه ولذَّته؛ بَكى على أيَّامه الأُوَل”.
* وهذه العُبوديَّة من أحبِّ عُبوديَّةٍ إلى الله:
قال ابن القيم رحمه الله: “ولا شيء أحبّ إلى الله من مُراغمةِ وليِّه لعدوِّه، وإغاظته له، فمُغايظة الكفَّار غايةٌ محبوبةٌ، للرب مطلوبة له”.
* وهي من كمال العبودية، وعلى قدر محبة العبد لربِّه وموالاته؛ يكون نصيبه منها!
كما قال ابن القيم: “فموافقته فيها؛ من كمال العبودية، فمن تعبَّد اللهَ بمراغمة عدوِّه؛ فقد أخذ من الصدِّيقيَّة بسهمٍ وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته، ومعاداته لعدوه؛ يكون نصيبه من هذه المراغمة” (مدارج السالكين).
قلتُ: وجماع معنى المُراغمة..
في اللغة يقال: رغم أنفه، أي أُلصِقت بالرغام وهو التراب، وراغمْتُ فلانًا: هجرتُه وعاديتُه..
وكلُّ هَجْر وإذلال ومغايظة وشماتة ومُعاداة؛ فهي مُراغمة