افاق عودة الحضارة الإسلامية

لم تعد ظروفنا – نحن المسلمين – منذ مطلع القرن الخامس عشر الهجري، الحادي والعشرين الميلادي تسمح بذلك الترف العقلي، والتناول غير الموضوعي الذي غلب على جانب كبير من خطابنا الفكري، بصورة تعكس انفصالا حادا عن الهم الإسلامي العام. وحسبنا أن عددا كبيرا من المحسوبين علينا والمنتسبين إلى تراثنا وحضارتنا قد انسلخوا من هذه الحضارة، فأصبحوا يعيشون فيها وهم نائمون عليها، ساعون إلى تذويب هويتها في الحضارة الأوروأمريكية … وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ولا بد لنا من أن نعيش القلق المبدع الذي يسمح لنا بصناعة الأمل وباختزال تجربتنا الفريدة وتقديمها كخائر للمستقبل.. ولا بد لنا أن نرسم خريطة للتحديات الراهنة، محددين كيفية الانبعاث الحضاري الإسلامي في ضوء هذه التحديات … ولا سيما أن عصرنا لا يسمح بتجاهل ما عند الآخرين، ولا بوضع رءوسنا في الرمال كالنعام …
إن المستقبل يدعونا إلى وقفة صريحة مع ما يمليه علينا من مسئوليات تجاه أنفسنا وتجاه الإنسانية..
ومعروف أن لدينا الكثير مما يمكن أن نستعين به ونقدمه في معترك الصراع الحضاري، ولتحقيق ذلك لدينا آليات يجب أن نعيد النظر فيها… إن موقفنا من اللغات الأجنبية التي ستمكننا من تحقيق الحوار الحضاري العالمي يجب أن يتغير، فامتلاك اللغة شرط للقدرة على الحوار، وخطابنا الديني يحتاج منا أن نربطه – ونحن نخاطب المسلمين
والعالم – بالوسطية الإسلامية، وبالقيم الإنسانية والحضارية ليس في أوقات السلم فحسب بل في الحروب والصراعات أيضا.
وهذا الكتاب يحمل إجابات عن بعض أسئلة الانبعاث الحضاري الإسلامي وأساليب التعامل مع الإنسانية في عصر العولمة وصدام الحضارات.