إيقاد العقل

كتاب “إيقاد العقل” للكاتبة والباحثة علا باوزير الصادر عن دار حضرموت للدراسات والنشر, يتناول البحث في التفكير كعملية تساهم في تغييرالواقع والتأثير عليه من خلال اتخاذ القرارات الناتجة عن عمليات عقلية إدراكية متأثّرة بثقافة الفرد والمجتمع الدينية والفلسفية الفكرية كمرجعية وإطار لتلك القرارات والعمليات العقلية الفكرية.
استهدفت الكاتبة المجتمع العربي المسلم, كون الثقافة الإسلامية العربية هي الأكبر تأثيراً على المجتمعات الإسلامية ذات الأعراق والأصول المختلفة, لأنها ترى فيها القدوة والمنبع الأول لبزوغ فجر الإسلام, وكون العرب يتحدثون بلغة الوحي وعلى هذا فهم الأقدر على فهمه واستيعاب معانيه أكثر من سواهم.
قُسم هذا الكتاب إلى جزئين رئيسيين:أحدهما يختص بالتفكير وتحليل متطلبات اتخاذ القرار, والآخر يبحث في تاريخ الفكر والفلسفة الأوروبية والإسلامية وصولاً إلى الواقع الفكري الذي يعيشه مسلم اليوم.
وفي محاولةٍ لوضع خطوطٍ عريضة على أهم النقاط التي تفتقدها العقلية الإسلامية اليوم, والتي تتسبب في عزلتها عن الحياة والآخر تارةً أو في هجومها عليهما تارةً أخرى, مما يؤخّر قدرتها على الاندماج في الحياة المعاصرة, والمشاركة والمساهمة الفاعلة في بناء الحياة في مجتمعٍ بشريٍّ بانسجامٍ كامل مع خالقها ومع الذات والمجتمع والكون, مما يحقق مفهوم الخلافة التي أرادها الله لهذه النفس.
وعن طريق منهج تحليلي وتاريخي ونقدي, يقوم على الاستقراء والتأمّل والاستنتاج, فإن تسليط الضوء على هذه النقاط وطرح حلول لمعالجتها, من شأنه أن يلفت الانتباه إليها والعمل على تفادي نقاط الضعف والتمسّك بنقاط القوة وتعزيزها .
ويثير البحث في هذا الكتاب قضية التفكير وفقه التفكير في عالمنا الإسلامي والتي أصبحت تمثل عائقاً أمام تفاعله مع الحياة, كما يثير المشكلات والعقبات التي تواجه سير عملية التفكير و التي تؤثر على التفكير السليم, وتحيد بمناهجه عن الطريق الأمثل.
فمشكلة التمسّك باجتهادات الأولين أو المحدثين وتأويلاتهم -وغيرها من القضايا- وكأنها يقينٌ مطلق دون اعتبارٍ للزمان والمكان والأحوال, ودون محاكمتها عقلياً وتعريضها للتفكير النقدي يجعل الأمة تعيش حالةً من الركود الفكري والقطيعة مع الحياة الجديدة, فتعيد اجترار ذات الأخطاء والمشكلات التي واجهها ويواجهها الفكر الإسلامي دون وعي, وأدّت إلى ضعفه وعدم قدرته على مواكبة روح العصر واحتواء متغيّراته .
ولنتمكّن من إعادة ردم هذه الهوّة علينا إعادة تشكيل هذه العقلية التي يجب أن تفرّق بين ما هو يقينٌ مطلق وما هو متغيّر وقابل للاختلاف والأخذ والردّ م,ن خلال إحياء فقه التفكير والتفكير الناقد واجتثاث العادات السيئة للتفكير, لنجعل الدين والعقل مرجعية تكاملية تساعدنا على التوافق مع الحياة على أسس متينة, وليس للصراع معها أو الذوبان الكامل فيها, وبالتالي ضعف الأمة وتراجعها.
كما أشارت الباحثة إلى أن العقلية الإسلامية في بداياتها وفي العصور الذهبية تجاوزت هذه الإشكالية بشكلٍ أو بآخر مما جعلها تؤسس لحضارة عظيمة لا ينساها التاريخ …وعودتنا لذات الروح الفكرية كفيلٌ –بإذن المولى-لتجاوز هذه الأزمة الفكرية التي عطّلت العقل وشلّت الجوارح عن الفعل.
جديرٌ بالذكر أن الكاتبة علا باوزير حاصلة على ماجستير في الإعلام, وسبق وأن نشرت كتاب بعنوان: “فكرتي تبني حضارتي”, كما نشرت مقالاتها وقصائدها في الصحف السعودية واليمنية.