بلاغة الأمان قراءات في التحليل البلاغي للسنة النبوية

لم تزل السنة الشريفة نبعا فياضا لكل من طلب منها طلبته، فهي دليل الفقيه، يقيم على أعمدتها فقه، وهي شاهده اللغوي، يؤسس على هديها قواعده، وهي شمس البلاغة تضيء له الطريق، وهي عاد من يروم بناء الحضارة؛ فهي مصدرها . إن السنة نور غامر، سطع من قلب عامر أنطقه الوحي، وابتعد به عن مظان الهوى أو الغي. ويمثل الاتصال بها ركنا لازما لكل دارس في هذه الثقافة العربية الإسلامية. وهو أمر يلزم في كل مسارات التجديد والإصلاح، التي تتطلبها الأمة في مراحل وجودها، إن أرادت حياة نابضة حية فاعلة. وقضية فحص السنة المشرفة، وتحليل نصوصها بلاغا، أمر قديم في المجال العلمي في هذه الحضارة، وهو ما يزال مستمرا إلى يوم الناس هذا، استقل بالنظر فيما يسمى باسم المجازات النبوية أو البلاغة النبوية أو البيان النبوي، وهو الاستقلال الذي يرعی تفرده في هذا الباب .
والعالم المعاصر في معاناته القاسية في حاجة إلى أن يمم وجه شطر السنة الشريفة؛ ليجد فيها الأنس من وحشة تلفه. ويجد فيها الأمان من خوف يريد أن يفترسه، ويقضي عليه.
وقد اخترت عددا من الأحاديث الشريفة، ووزعتها على عدد من الفصول، حكمتها غايات بعينها مما هو من مطالب العالم اليوم. وقد كنت في كل ما أوردت حريصا على بيان أن البلاغة متممة لعمل المعجمي والنحوي معا، وأن الفصل المعاصر بين هذه الميادين والمجالات لا ينهض على قدمين، ويلزمه التعاون لا التصارع. وقد كنت حريصا أيضا على توثيق أية إشارة علمية، يمكن أن يحتاج إلى توثيقها، أو الاستزادة منها.