استعادة النص الاصلي للإنجيل

استعادة النص الأصلي للإنجيل
في ضوء قواعد النقد الأدنى
إشكاليات التاريخ والمنهج
للدكتور سامي عامري

يقرر علماء النقد الأدنى* الذين ينتصرون لعقائد الكنيسة، أن العهد الجديد وإن أصابه شيء من التحريف في تاريخه الطويل، إلا أنه بإمكاننا اليوم أن نعيد تركيب النص الأصلي الذي كتبه المؤلفون.
وتعتبر هذه الدعوى حجر أساس في الإيمان النصراني، والباحث في هذه الدراسة يرى أن هذه الدعوة غير مسلمة؛ إذ إن الدراسة النظرية والتطبيق العملي يؤولان إلى القول بالعجز عن استعادة النص الأصلي بيقين، وذلك من خلال تتبع تاريخ النص ومناهج النقاد وأدواتهم لاستعادة النص المفقود.
إن هذه الدراسة تصوب في الحقيقة مسار الحوار الإسلامي – النصراني حول تحريف العهد الجديد؛ إذ إن الكثير من الباحثين والدعاة المسلمين يجتهدون في كتبهم ومحاضراتهم
ومناظراتهم لبيان أن العهد الجديد محرف، وهو جهد، إجمالا، في غير محله – إذا استثنينا بيان التحريف لأسباب لاهوتية أو علمية أو ما قارب ذلك، لا محض التحريف -، لأن جميع النقاد في الغرب، من النصارى وغير النصارى، على اتفاق أن هذه الأسفار قد حرفت، وإنما الخلاف بينهم هو حول إمكانية استعادة النص قبل تحريفه، ووسائل ذلك.
إننا بهذه الدراسة نشارك، كمسلمين، في سجال نقدي حي وحيني حول إمكانية العودة بالنص إلى ما قبل تحريفه. ولهذا البحث أهمية واقعية تتمثل في أنه لا يناقش الموضوع بطريق العرض الأحادي، وإنما اختار أن يسوقه في سياق جدالي يتعمد عرض حجة المخالفين من الكتاب التقليديين الذين لم يتبنوا المناهج النقدية الحديثة، والدفاعيين الذين ينطلقون من موقع الدفاع عن متبنّيات الكنيسة، ومنها القدرة على استعادة النص الأصلي للمؤلفين. وقد اختر المؤلف أن يتناول بالعرض والنقد دراسات التقليديين والدفاعيين، وأهمها دراسات (دانيال والس) الذي يرأس الدفاعيين في العالم في مجال النقد الأدنى، ليكون التقويم منصفا وقادرا على الإحاطة بآراء المخالفين وحججهم.

——–
النقد الأدنى: يسمى أيضا (النقد النصي)، هو فرع من فروع النقد الأدبي، يسعى لدراسة تحرير الوثائق القديمة، وظروف هذا التحرير، وتراث نص هذه الوثائق.