أصول الإفتاء والإجتهاد التطبيقي في نظريات فقة الدعوة الإسلامية

دعوت كتابي (أصول الافتاء والاجتهاد)، وكلا المعنيين أريد.
فمن ناحية: أعتني ببيان قواعده الفقهية وطرائقه وأساليبه وعمومياته التي يستند عليها التخصيص ويتوزع منها التفريع.
ومن ناحية: أعتني بإيراد أصوله وجذوره وعروقه، أي القيام باستقراء أجمع فيه غرر النصوص وأقوال الفقهاء وفتاواهم التي تكون أساسًا ينطلق منه الاجتهاد المبتغى الجديد، واعتمدت في هذا على ما لم يسبق نشره في كتبي الأخرى، وأهملت ذكر ما اشتهر وتداولته الكتابات الحركية، وهو كثير، ولذلك تعتبر النقول التي أوردها تكملة وسدًا للنقص، لا حصرًا لكل ما ورد في هذا الشأن.

وأيضًا، فإن الاستطراد سيلجئنا إلى الحديث عن معنى ثالث للأصول مشتق من مفادها العرفي بين الناس في الدلالة على أخلاقيات الاجتهاد وما يلزم المجتهد من حسن الظن بأقرانه، والبشاشة معهم، ورقة اللفظ عند إظهار الخلاف، ورفعة الذوق في التحاور، والتأمل للمقابل، وخفض الجناح، فإن هذه الشمائل أصبحت نادرة، وصاحبها متفرد، مع أنها عنوان مروءة الفقيه.
فاستوت المعاني بهذا ثلاثًا، كلها أقصدها، وإنما انتقى من المباحث الأصولية ما تمس إليه حاجة الداعية المسلم إذ هو في محاولة كشفه عن فقه دعوته، فأستخلص وأترك على غير ما ميزان ثابت، وإنما بدلالة تجريبية ذوقية بحتة.

إنني ما أوردته كتابًا في علم الأصول يحكي التعاريف أو يقوم بوظيفة التفهيم لمعاني الحكم والسبب والشروط وغير ذلك، أو يقيم الدليل على حجية السنة أو الإجماع والقياس، وإنما هو كتاب يبدأ من حيث انتهى الأصوليون، ويوظف نتائج على الأصول لكشف أحكام التعامل الدعوى.